برناردشو المكافح !
ظل برناردشو يكتب تسع سنين كاملة وهو لا يلقى نجاحاً
ولا يفوز بطائل، وبالرغم من ذلك فقد صمم على أن يكرس كل
وقته للكتابة، ومن العادات التي انتهجها من دون أن يحيد عنها بعد
ذلك قيد أنملة، أنه كان يكتب كل يوم خمس صفحات كاملة، سواء
وجد في نفسه ميلاً للكتابة أو لم يجد.
ويقول برناردشو في هذا الصدد: ” كانت بقايا من صفات
التلمذة والوظيفة لا تزال عالقة بي حتى أني كنت إذا أنجزت
الصفحات الخمس المقررة لليوم، أقف عند هذا الحد ولو لم أكمل
جملة مفيدة يحسن السكوت عليها خمس صفحات وكفى، لا أكثر
ولا أقل. ” وكتب في هذه الأثناء خمس روايات طويلة وبعث بنسخة
من كل رواية من هذه الروايات الخمس إلى كل دار من دور النشر
في إنجلترا وأمريكا، لكن هذه الروايات أعيدت إليه وكان أكثر
الناشرين عطفاً عليه يقول له إنه يأمل أن يرى محاولته الثانية!
وظل الحال على هذا المنوال يكتب كثيراً ولا تلقى كتبه إلا
الرفض، حتى بلغ به الضيق كل مبلغ حتى أنه كان يتعذر عليه
أحياناً الحصول على طوابع البريد ليرسل بها كتبه إلى دور النشر .
وعندما بليت ملابسه كان يسير في شوارع لندن وهو يبذل
جهداً كبيراً في إخفاء الثقوب التي في نعل حذائه أو في سراويله
ولكنه لم يعرف مع ذلك ألم الجوع، والفضل في ذلك يعود إلى أمه
استمتع .. بفشلك ولا تكن فاشلاً –
التي كانت دائما تستدين من الخباز والبقال لتصد عنه غائلته، وفي
خلال هذه السنوات التسع التي قضاها في الكتابة لم يكسب من قلمه
إلا خمسة جنيهات أجراً لكتابة مقال عن الطب كلفه به أحد المحامين
لسبب غير مفهوم وفي مرة أخرى كسب جنيهاً واحداً لقيامه بفرز
الأصوات في أيام الإنتخابات!
ورغم ذلك استمر يحارب الفشل ولا يستسلم لأن صوتاً
داخله كان يصرخ به حاثاً إياه على المضي قدما نحو قمم النجاح التي
لا يصعد إليها الفاشلين المؤمنين بوجود المستحيل!
