الصف الثانى الثانوى قراءة إعمال العقل

إعمال العقل
د. زكي نجيب محمود
التعريف بالكاتب :
د. زكي نجيب محمود أديب مفكر وفيلسوف كبير ولد بدمياط ١٩٠٢ م (تاريخ الميلاد الحقيقي 1905) ، سافر إلى إنجلترا لنيل درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة لندن ، وقد قدم العديد من الإسهامات التي أثرت المكتبة العربية ، وتوفى عام ١٩٩٣ م.
تمهيد:
تقدمت الشعوب حين أعطت للعقل المكانة التي يستحقها ، وتخلفت حين أهملته. في هذا المقال يسلط كاتبنا الضوء على دور العقل في تحقيق التقدم.
الموضوع :
لقد قامت حضارة (تمدن) المسلمين ، كما قام غيرها على واقع ، وعلى علم بذلك الواقع.
وها هو أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب ، وقد همّ بالخروج للقتال ، فجاءه منجم (عراف) يدّعي القدرة على حساب الغيب ، ونصحه بألا يسير إلى القتال في تلك الساعة ، وبأن يجعل سيره على ثلاث ساعات مضين من النهار قائلا له: ” إنك إن سرت في هذه الساعة ، أصابك وأصحابك أذى وضرٌّ شديد ، وإن سرت في الساعة التي أمرتك بها ، ظفرت وظهرت ، وأصبت (حققت) ما طلبت “.
فما كان من الإمام عليّ – كرّم الله وجهه – إلا أن أعرض (ابتعد) عن المنجم ، بعد أن عنّفه (وبّخه) تعنيفا شديدا ، ومضى فيما كان ماضيا فيه ، وانتصر ، فقال لأصحابه ساعة النصر: ” لو سرنا في الساعة التي حددها لنا المنجم ، وانتصرنا ، لقال الناس: إن النصر إنما تحقق بفضل ذلك المنجم ونبوءته ، أما إنه ما كان لمحمد – – منجم ، ولا لنا بعده ، حتى فتح الله علينا بلاد كسرى وقيصر”.
إنه لمن أعجب ما يلفت النظر في طبيعة الإنسان ، أن الناس إذا اختلف بعضهم مع بعض على شيء تولاه العقل بالتحليل والحساب ، لم يغضب أحد منهم من أحد ، بل إنهم ليراجعون تحليلهم وحسابهم مرة أخرى ، حتى يذعن (يخضع) المخطئ للمصيب.
أما إذا اختلفوا على شيء في غير ميدان العقل ، شيء تولته العواطف والأهواء ، فلا أمل عندئذ في إقناع أو اقتناع ، وقد تمتد بينهم الخصومة إلى حد القتال ، فكأنما يسهل عليهم أن يتنازلوا عن الرأي الذي يرونه بعقولهم ، ولا يسهل عليهم أن يفرطوا في ميل مالت بهم إليه عواطفهم ، مع أن رؤية العقل هي مجال اليقين ، وأما ميل العاطفة فطريق معبأ بالضباب.
على أنه لا جدوى من أن نردد كلمة ” العقل ” بألسنتنا دون أن نعني بها كل ما تعنيه تلك الكلمة ، أو ما يجب أن تعنيه ، إذ العقل – آخر الأمر – هو التخطيط المدروس.
ولا يكون للتخطيط المدروس معنى إلا أن يكون هناك أهداف واضحة مقصودة ، وأن يكون هناك مسح إحصائي (أي جمع بيانات) للواقع كما هو قائم ، ثمّ يجيء ذلك التخطيط المدروس الذي هو ” عقل ” فيطوع (يذلل ، يخضع) هذا الواقع الذي رسمته لنا البحوث الإحصائية تطويعا يحقق تلك الأهداف التي قصدنا إلى تحقيقها.
إنه إذا قيل لنا: أين نقطة البدء التي بدأ منها تقدمنا في هذا العصر؟ لكان الجواب الصحيح هو: كانت البداية حين دعا الدعاة إلى صحوة ” العقل ” في وجه الموجة العاتية التي غمرتنا بطوفانها ، فإنها من خرافات.
وما الخرافة؟ هي قبل كل شيء ، وبعد كل شيء ربط المسببات بغير أسبابها.
أقول: إن تقدمنا قد بدأ ، عندما دعا الداعون إلى يقظة العقل ، لترتبط النتائج بأسبابها الصحيحة ، وكان من أبرز هؤلاء الداعين إلى حكم العقل هو إمامنا الشيخ محمد عبده ، الذي إذا طرحت من حصيلته تلك الدعوة إلى تحكيم العقل ، لم يبق منه إلا واحد كسائر الآحاد ، فلقد أخذ – بكل جهده – يوضح المبادئ الأساسية في الإسلام ، توضيحا يبين استنادها إلى منطق العقل ، فجعل الأصل الأهم لهذا الدين هو “النظر العقلي” ، وعنده أن النظر العقلي هو وحده وسيلة الإيمان الصحيح .
📜 معاني المفردات من مقال “إعمال العقل”
| الكلمة | معناها في النص |
| حضارة | تمدن |
| منجم | عراف يدّعي القدرة على حساب الغيب |
| أصابَت (ما طلبت) | حققت |
| أعرض (عن المنجم) | ابتعد، انصرف عنه |
| عنّفه | وبّخه توبيخاً شديداً |
| يذعن | يخضع، يستسلم للحق |
| يفرطوا (في ميل) | يتنازلوا، يضيعوا |
| مجال اليقين | موطن التأكد والثقة التامة |
| الضباب | عدم الوضوح، الغموض |
| التخطيط المدروس | استخدام العقل في وضع خطط بناءً على دراسة |
| مسح إحصائي | جمع بيانات دقيقة عن الواقع |
| يطوّع (هذا الواقع) | يذلل، يخضع، يهيئ |
| الموجة العاتية | الموجة الشديدة والقوية |
| غمرتنا بطوفانها | ملأتنا وكادت أن تُهلكنا بكثرتها وسيلانها |
| الخرافة | ربط المسببات بغير أسبابها المنطقية |
| حكم العقل | تحكيم المنطق والنظر العقلي السليم |
| سائر الآحاد | كبقية الناس العاديين |
🧠 تحليل نص “إعمال العقل”
1. الفكرة الرئيسة (الهدف الأساسي للكاتب)
- الدعوة إلى إعمال العقل بوصفه الأداة الوحيدة للتقدم وتحقيق اليقين، والتحذير من تحكيم العاطفة أو الخرافة.
- يؤكد الكاتب أن العقل هو أساس الحضارة والتمدن، وأن تخلُّف الشعوب ينبع من إهماله. كما يربط بين إعمال العقل وبين التخطيط المدروس القائم على الأهداف الواضحة والمسح الإحصائي للواقع.
2. الأفكار الضمنية (المعاني غير المصرح بها مباشرة)
- أهمية الواقعية في بناء الحضارة: يؤكد الكاتب أن حضارة المسلمين قامت على “واقع” و “علم بذلك الواقع”، مما يشير إلى أن الاكتفاء بالنظريات المجردة أو الروحانيات فقط دون النظر إلى الواقع لا يؤدي إلى نهضة.
- الإسلام دين يعلي من شأن العقل: من خلال قصة الإمام علي وتفنيده لادعاءات المنجم، يثبت الكاتب أن الأوائل من المسلمين رفضوا الخرافة وربطوا النصر بالأسباب الواقعية والتوكل على الله، وليس بنبوءات العرافين.
- العاطفة هي مصدر الخصومة والضبابية: يشير الكاتب إلى أن الاختلافات في ميدان العواطف والأهواء تؤدي إلى القتال والخصومة وعدم القدرة على الإقناع، بينما الاختلافات العقلية يسهل فيها إذعان المخطئ للمصيب.
- إصلاح الفكر هو نقطة البداية الحقيقية للتقدم: يرى أن النهضة تبدأ بـ “صحوة العقل” في مواجهة الخرافات، ويشيد بدور الشيخ محمد عبده في هذه الدعوة، مما يدل على أن التغيير الاجتماعي والسياسي يبدأ بتغيير نمط التفكير.
- تعريف الخرافة: الخرافة ليست مجرد أساطير، بل هي أي فعل أو اعتقاد يقوم على ربط النتائج بغير أسبابها الصحيحة، أي قطع العلاقة بين المسببات والنتائج المنطقية.
3. العلاقات بين الجمل والفقرات
يستخدم الكاتب مجموعة من الروابط المنطقية لتعزيز حجته وترتيب أفكاره، وأبرز هذه العلاقات هي:
| العلاقة | مثال من النص | الشرح |
| السبب والنتيجة | “تقدمت الشعوب حين أعطت للعقل المكانة… وتخلفت حين أهملته.” | إعطاء العقل المكانة سبب، والتقدم نتيجة. |
| الاستدلال والتأكيد | “لقد قامت حضارة المسلمين، كما قام غيرها على واقع، وعلى علم بذلك الواقع. وها هو أمير المؤمنين الإمام علي…” | ذكر المبدأ العام (الواقعية) ثم الاستدلال عليه بقصة الإمام علي لتأكيد رفض الخرافة. |
| المقابلة/التضاد | “إذا اختلف بعضهم مع بعض على شيء تولاه العقل… لم يغضب أحد… أما إذا اختلفوا على شيء في غير ميدان العقل… فلا أمل في إقناع.” | يقابل بين ميدان العقل (يسهل فيه الإذعان) وميدان العاطفة (يؤدي إلى الخصومة). |
| التفسير والتوضيح | “العقل – آخر الأمر – هو التخطيط المدروس. ولا يكون للتخطيط المدروس معنى إلا أن يكون هناك أهداف واضحة…” | يوضح معنى العقل الذي يقصده، بأنه ليس مجرد تفكير، بل هو تخطيط منظم له أهداف محددة. |
| التوضيح بعد الإجمال | “وما الخرافة؟ هي قبل كل شيء، وبعد كل شيء ربط المسببات بغير أسبابها.” | سؤال (وما الخرافة؟) تتبعه إجابة تحدد ماهيتها بدقة. |
🌟 أسئلة وتدريبات على مقال: “إعمال العقل” (د. زكي نجيب محمود)
| رقم السؤال | السؤال | الخيارات | الإجابة الصحيحة |
| 1 | ما الأساس الذي قامت عليه حضارة المسلمين وغيرهم، كما يرى الكاتب؟ | أ. التمسك بالمنجمين والتنبؤات. ب. الرغبة في فتح بلاد كسرى وقيصر. ج. الواقع والعلم بذلك الواقع. د. الأهداف الواضحة والمقصودة فقط. | ج |
| 2 | لماذا وبَّخ الإمام علي (كرم الله وجهه) المنجّم وأعرض عنه؟ | أ. لأنه لم يكن يثق في قدرة المنجّم على حساب الغيب. ب. رفضاً لمبدأ التنجيم والخرافة وإثباتاً أن النصر يتحقق بالعقل والأسباب. ج. لكي يثبت لأصحابه أن النصر يتحقق بفضل المنجم. د. لأن المنجّم حدد ساعة خاطئة للقتال. | ب |
| 3 | متى يسهل على الناس أن يتنازلوا عن الرأي المخالف؟ | أ. عندما يكون الاختلاف في شيء تولته العواطف والأهواء. ب. عندما يكون الاختلاف في شيء تولاه العقل بالتحليل والحساب. ج. عندما تمتد الخصومة بينهم إلى حد القتال. د. عندما تكون رؤية العقل طريقاً معبأ بالضباب. | ب |
| 4 | ماذا يقصد الكاتب بعبارة “طريق معبأ بالضباب” في وصف ميل العاطفة؟ | أ. أن العاطفة تجعل الإنسان يرى الحقائق واضحة. ب. أن العاطفة تجعل الإنسان يسرع في اتخاذ القرار. ج. أن العاطفة تؤدي إلى عدم وضوح الرؤية واليقين. د. أن العاطفة مجال اليقين الذي لا يُختلف فيه. | ج |
| 5 | التعريف الذي قدمه الكاتب لكلمة “العقل” في سياق التقدم هو: | أ. مجرد التفكير في المشكلات الوجودية. ب. التخطيط المدروس القائم على الأهداف الواضحة والمسح الإحصائي للواقع. ج. النظر العقلي وحده كوسيلة للإيمان الصحيح. د. القدرة على الإقناع والاقتناع فقط. | ب |
| 6 | ما الدور الذي لعبه الشيخ محمد عبده في الدعوة لحكم العقل، كما يراه الكاتب؟ | أ. أنه قام بمسح إحصائي للواقع كما هو قائم في عصره. ب. أنه أوضح المبادئ الأساسية في الإسلام مبيناً استنادها إلى منطق العقل وجعل النظر العقلي وسيلة الإيمان الصحيح. ج. أنه كان أول من ربط النتائج بأسبابها الصحيحة في عصره. د. أنه أسهم في فتح بلاد كسرى وقيصر. | ب |
| 7 | ما نقطة البدء الحقيقية لتقدمنا في هذا العصر، حسب رأي الكاتب؟ | أ. تحكيم العاطفة والميل القلبي. ب. مراجعة التحليل والحساب مرة أخرى. ج. صحوة “العقل” في وجه الموجة العاتية من الخرافات. د. تطبيق المبادئ الأساسية في الإسلام دون تحليل عقلي. | ج |
| 8 | ما معنى كلمة “الخرافة” كما يحددها الكاتب؟ | أ. القصص القديمة التي لا أصل لها. ب. ربط المسببات بغير أسبابها الصحيحة. ج. الاعتماد على المنجمين والكهنة. د. عدم وجود أهداف واضحة ومقصودة. | ب |
| 9 | ما نوع العلاقة بين عبارتي: “رؤية العقل هي مجال اليقين” و “ميل العاطفة فطريق معبأ بالضباب”؟ | أ. ترادف وتأكيد. ب. تعليل وتفسير. ج. تضاد ومقابلة. د. نتيجة مباشرة. | ج |
| 10 | ما الذي يجب أن يسبق “التخطيط المدروس” لكي يكون له معنى، وفقاً للنص؟ | أ. نقد الشيخ محمد عبده. ب. وجود أهداف واضحة مقصودة ومسح إحصائي للواقع. ج. توبيخ المنجمين. د. الاقتناع بأن العاطفة لا تجلب اليقين. | ب |
النقد العلمي لمقال “إعمال العقل”
1. نقد الأسلوب والحجة
| السؤال النقدي | الإجابة/التحليل |
| هل نجح الكاتب في تدعيم حجته بـ “إعمال العقل” من خلال الاستدلال التاريخي؟ | نعم، نجح إلى حد كبير. استخدم الكاتب حادثة الإمام علي بن أبي طالب مع المنجِّم كدليل تاريخي قوي ومُلهم. هذا الدليل يربط بين رفض الخرافة وبين القدوة الإسلامية العليا، مما يعزز فكرة أن العقلانية متجذرة في التراث الإسلامي، وليست فكرة غربية دخيلة. |
| ما المنهج الذي اتبعه الكاتب لإقناع القارئ بأهمية العقل؟ | اتبع الكاتب منهج المقارنة والتضاد. قارن بين نتائج الاختلاف في ميدان العقل (حيث يحدث الإذعان لليقين)، ونتائج الاختلاف في ميدان العواطف (حيث تحدث الخصومة والضبابية)، مما يبرز تفوق العقل بوضوح كطريق لليقين والاتفاق. |
| هل تعريف الكاتب للعقل شامل وواضح؟ | نعم، الكاتب لم يكتفِ بالتعريف النظري. أوضح أن العقل – في سياق التقدم – هو “التخطيط المدروس”، والذي يتطلب وجود “أهداف واضحة” و “مسح إحصائي للواقع”. هذا الربط بين العقل والتطبيق العملي (الإحصاء والتخطيط) يجعل مفهومه أكثر واقعية وقابلية للتطبيق في الحياة الحديثة. |
2. نقد المحتوى والقضايا
| السؤال النقدي | الإجابة/التحليل |
| كيف عرّف الكاتب “الخرافة”؟ وهل هذا التعريف قوي ومؤثر؟ | عرّف الكاتب الخرافة بأنها “ربط المسببات بغير أسبابها”. هذا التعريف قوي ومؤثر لأنه ينقل مفهوم الخرافة من مجرد القصص القديمة إلى خطأ منهجي في التفكير، أي عدم ربط النتائج بأسبابها الصحيحة، مما يجعلها تشمل أي تخلف أو جمود فكري في العصر الحديث. |
| هل أغفل الكاتب دور العاطفة كلياً؟ وما العيب المحتمل في ذلك؟ | ركز الكاتب على التحذير من تحكيم العاطفة، ولكنه لم ينفِ وجودها. هو يصفها بـ “طريق معبأ بالضباب” عندما تتولى الحكم. النقد المحتمل هو أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بعقله وحده؛ فالعاطفة ضرورية للحس الإنساني، والتعاطف، والقيم. كان يمكن للكاتب أن يوضح دور العاطفة في خدمة الأهداف النبيلة تحت توجيه العقل، بدلاً من جعلها نقيضاً دائماً له. |
| هل كان التركيز على الشيخ محمد عبده ضرورياً في سياق الدعوة للعقل؟ | نعم، كان ضرورياً وموفقاً. ذكر الشيخ محمد عبده، بوصفه أحد أبرز رواد التنوير والدعوة إلى “النظر العقلي” كأساس للإيمان الصحيح في العصر الحديث، يقدم قدوة فكرية متأخرة تُضاف إلى القدوة التاريخية (الإمام علي). هذا يعزز الفكرة بأن “صحوة العقل” هي عملية مستمرة وقائمة على التراث التنويري في العالم العربي. |




