تلخيص قصة الأيام لدكتور طه حسين الفصل الحادى عشر الصف الثالث الثانوى (الجزء الثانى )

الفصل الحادي عشر : ( إقبال الصبي علي الأدب )
س1 : متى عرف الصبي الأدب ؟
جـ : عرف الصبي الأدب لما سمع أخاه وأصحابه يتحدثون عن الأدب والأدباء ، وعندما تحدثوا عن الشيخ الشنقيطي ، وحماية الأستاذ الإمام له وبره به ، وكان لهذا الاسم الأجنبي على سمع الصبي أثر غريب، وكذلك ما يسمعه من أعاجيب الشيخ وأطواره الشاذة وآرائه التي تضحك قوما وتغضب آخرين.
س2 : ما الذي عرفه الفتي من شباب الأزهر عن الشيخ الشنقيطي؟
جـ : تحدث الطلاب الكبار عن هذا الشيخ وأنهم لم يروا قط ضريبا له في حفظ اللغة ورواية الحديث .
وكذلك تحدثوا عن حدته وشدته وسرعة غضبه ، حتى اتخذوه مثلا لحدة المغاربة ، وتحدثوا عن إقامته في المدينة ورحلاته إلى قسطنطينية وزيارته الأندلس ، وعن حياته العلمية وذكروا أن له مكتبة غنية بالمخطوطات والمطبوعات في مصر وفي أوربا، وأنه يقضى أغلب وقته في دار الكتب إما ناسخا أو قارئا.
س3 : ما القصة التي شغلت الناس بالشيخ الشنقيطي وشغلته بهم ؟ وما أثرها على الصبي ؟
جـ : كان للشيخ الشنقيطي قصة كبرى شغلت الناس به وشغلته بالناس، وكانت سببا لتعرضه لكثير من الشر والألم ، وهذه القصة تتعلق برأيه في أن “عمر” مصروف وليس ممنوعا من الصرف.وكان الصبي يسمع لهذا الكلام ولكنه لم يفهم منه شيئا في بداية الأمر، ولكن بعدما تقدم في درس النحو فهم المقصود من هذه القضية بوضوح ، وذلك أنه درس الصرف والممنوع من الصرف.
س4 : تحدث عن مناظرة الشيخ الشنقيطي مع علماء الأزهر . وإلام انتهت
جـ : تناظر جماعة من علماء الأزهر مع الشيخ الشنقيطي حول صرف كلمة “عمر” . حيث رفض الشيخ الشنقيطي أن يتحدث إليهم إلا بعد أن يجلسوا منه مجلس التلميذ من الأستاذ ، فلما تردد العلماء أسرع أحدهم في مكر وخبث وجلس بين يديه متربعا على الأرض، ثم أخذ الشيخ يعرض رأيه فقال أنشد الخليل: – يا أيها الرازي على عمرٍ قد قلت فيه غير ما تعلم
فرد عليه الشيخ الجالس وقال : لقد رأيت الخليل أمس وأنشدني البيت هكذا : يأيها الرازي على عمرَ .. فقاطعه الشنقيطي غاضبا وقال كذبت، لقد مات الخليل منذ قرون، وبدأ يُشهد العلماء على كذب صاحبهم ، وجهله بالعروض والنحو، فضحك القوم وقاموا دون أن يصلوا لحل في قضية صرف “عمر” أو منعها.
س5 : كيف حفظ الصبي المعلقات ؟ ومتى توقف حفظه لها ؟
جـ : كان الشيخ الشنقيطي يقرأ على الطلاب المعلقات ، فكان أخو الصبي وأصدقاؤه يسمعون هذا الدرس يوم الخميس أو الجمعة من كل أسبوع ، ولأنهم يعدونه كما يعدون سائر دروسهم فقد سمع الفتى هذه المعلقات لأول مرة في حياته ، وعلى الرغم من انصرافهم عن هذا الدرس سريعا لأنهم لم يُسيغوه ، إلا أن أخا الصبي ظل يحاول حفظ المعلقات فحفظ معلقة امرئ القيس ، ومعلقة طرفة بن العبد. وكان أخوه يحفظ بصوت عالٍ فيسمع الصبي الأبيات ويحفظها، ثم أِشرك معه الصبي في الحفظ حتى أتم حفظ معلقتي امرئ القيس وطرفة، ولم يزد على ذلك وانصرف إلى دروسه الأزهرية الأخرى.
س6 : ما موقف الطلاب الكبار من درس الإنشاء ؟
جـ : كان درس صناعة الإنشاء يلقيه شيخ سوري من خاصة الأستاذ الإمام، مما دفع الطلاب إلى الاختلاف إليه وشراء الدفاتر وكتابة موضوعات الإنشاء، ولكنهم عدلوا عنه كما عدلوا عن درس الشنقيطي .
س7 : متى عرف الصبي المقامات وكيف حفظها ؟
جـ : في أحد الأيام دخل الشيخ الفتى إلى البيت ومعه كتاب مقامات الحريري، وكان يقرأ ويحفظ بصوت مرتفع فكان الصبي يسمع ويحفظ معه ، ثم أشرك الفتى أخاه الصبي في حفظ المقامات فحفظا معا عشر مقامات ، ثم انصرف الشيخ الفتى عن المقامات إلى دروس التوحيد والفقه والأصول.
س8 : متى تعرف الصبي على كتاب نهج البلاغة ؟
جـ : عندما أقبل الفتى الشيخ ومعه كتاب “نهج البلاغة” الذي جمعت فيه خطب الإمام علي، وقد شرحها الأستاذ بنفسه فأقبل عليها الفتى فحفظ بعضها ومعه الصبي، ثم أعرض عنها كما أعرض عن غيرها .
س9 : ما البيت الذي كان يقع في أذن الصبي موقعاً غريباً عندما كان يسمعه من أخيه ؟ ولماذا ؟
جـ : عرف الصبي قصيدة أبي فراس الحمداني التي بدأها بقوله: – أراك عصي الدمع شيمتك الصبر أما للهوى نهي عليك ولا أمر؟!
وقد جاء بها أخوه فجعل يقرأ القصيدة بصوت عالٍ ، ثم بدأ مع الصبي يحفظها. ولم يكن اهتمامه بها وذكره لها إلا أن أحد أبياتها وقع من أذنه موقعا غريبا وهو قول أبي فراس : – بَدَوتُ وأهْلِي حَاضِرونَ لأنني أرَىَ أنَّ دَارًا لَسْتُ مِنْ أهْلِهَا قَفْرُ
فقد قرأه أخوه (السِّتِّ) فأصبح البيت بهذا الشكل : – بَدَوتُ وأهْلِي حَاضِرونَ لأنني أرَىَ أنَّ دَار السِّتِّ مِنْ أهْلِهَا قَفْرُ
فلم يفهمه الصبى وكان يرى أنه من الغريب أن تأتي كلمة (الست) في الشعر العباسي ، ثم لما كبر وقرأ البيت صحيحا فهم معناه ، وكذلك علم أن هذه الكلمة قد استخدمها بعض الشعراء العباسيين في أشعارهم وفي النثر كذلك.
س10 : كيف كان اتصال الصبي بالأدب في تلك الفترة ؟
جـ : اتصل صاحبنا بالأدب على نحو مضطرب غير مستقر، حيث لم يكن يفرغ له نفسه ولا يخصص له وقتا بل كان يلم به من حين لآخر كلما أتيحت له فرصة، فجمع في نفسه خليطا من الشعر والنثر.
س11 : لماذا أقبل الشباب متحمسين في أحد أيام بداية العام الدراسي ؟
جـ : أقبل الشباب متحمسين في أحد أيام بداية العام الدراسي على درس جديد في الرواق العباسي للشيخ سيد المرصفي في الأدب وهو يقرأ عليهم (ديوان الحماسة) ، ولما سمع الشباب هذا الدرس الجديد لم يعودا إلى غرفاتهم إلا بعد شراء ديوان الحماسة نفسه بعد أن فتنوا بهذا الدرس، ولذلك فقد عزم الطلاب على أن يحضروا الدرس وينتظموا فيه بل أسرع أخو الصبي كعادته دائما لشراء كتاب “شرح التبريزي لديوان الحماسة” ، ثم بدأ يحفظ في الديوان ويشرك أخاه الصبي معه ، وقد يقرأ عليه بعضا من شرح التبريزي.
س12 : ما الذي أخذه الصبي على أخيه في قراءة شرح التبريزي لديوان الحامية ؟
جـ : كان الفتى يقرأ الشرح على النحو الذي تقرأ عليه كتب الأصول والفقه والتوحيد ، ويتفهمه على نفس النحو، وهو ما لم يعجب الصبي فأحس بأن هذا الكتاب له طريقة مخالفة لقراءته والتعامل معه تختلف عن طريقة قراءة وفهم كتب الأصول والتوحيد والفقه.
س13 : لماذا انصرف الشباب عن درس “الأدب والحماسة” بعد فترة قصيرة ؟ ولماذا أعرضوا عنه ؟
جـ : انصرف الشباب عن درس “الأدب والحماسة”؛ لأنهم رأوا أنه ليس من الدروس الأساسية في الأزهر، بل كان أحد تلك الدروس الإضافية التي أنشأها الأستاذ الإمام وسماها بدروس العلوم الحديثة مثل : الجغرافيا والحساب والأدب ، وتركوا الدرس ؛ لأن الشيخ كان يسرف في السخرية والعبث بهم .
س14 : كيف رأى الشيخ الشباب ؟ وكيف رأى الشباب الشيخ ؟
جـ : ساء ظن الشيخ بطلابه فرأى أنهم غير مستعدين لهذا الدرس الذي يحتاج إلى الذوق، ولا يحتمل فنقلة الأزهريين ، فعبث بهم ولم يهتم بهم . وساء ظن الشباب بالشيخ فرأوه غير متمكن من العلم الصحيح ، وغير بارع فيه، ورأوا أنه صاحب شعر ينشد وكلام يقال، ونكت تُضحِك ثم لا يبقى من ذلك كله شيء .
س15 : لماذا حرص الشباب على حضور درس الأدب للمرصفى ؟ ولماذا انقطعوا عنه ؟
جـ : حرص الشباب على حضور الدرس ؛ لأنه كان مقربا من الأستاذ الإمام ، وكان ينشد القصائد في مدح الأستاذ الإمام ويرفعها له ويمليها على الطلاب فيسرع بعضهم في حفظها ، وكانت تعجبهم قصائده لأنها في مدح الأستاذ الإمام . ولكنهم في نهاية الأمر لم يقدروا على الصبر مع عبثه ولهوه بهم فانقطعوا عنه.
س16 : متى انقطع عن الصبي ذكر الأدب ؟ وكيف اتصل بالشيخ المرصفي ؟
جـ : انقطع عن الصبي ذكر الأدب بعد أن انقطع الطلاب عن الشيخ المرصفي . أشيع أن الشيخ المرصفي سوف يخصص يومين من كل أسبوع لقراءة “المفصل للزمخشري في النحو” فسعى الصبي إلى هذا الدرس الجديد، وبعد أن سمع للشيخ المرصفي أحبه وكلف به حتى أنه حضر درس الأدب الذي يقرأه الشيخ ، والذي انقطع عنه أخوه
س17 : كان لقوة ذاكرة الحفظ لدى الصبي أثر كبير على الشيخ . وضح ذلك .
جـ : كان الصبي قوي الذاكرة لا يسمع كلمة من الشيخ إلا حفظها ولا رأيا إلا وعاه ولا تفسيرا إلا قيده في نفسه، حتى أنه في كثير من الأحيان إذا ما تكررت كلمة فسرها الشيخ من قبل ، أو قصة حكاها الشيخ سابقا كان يعيد على الشيخ تفسيره للكلمة أو حكايته أو نقده لصاحب الحماسة أو لشرَّاحِها.
س18 : ما مدى اهتمام الشيخ المرصفى بالصى ؟
جـ : لما رأى الشيخ المرصفى من الصبي هذا الجد والاجتهاد اهتم به وأحبه ، بل كان يوجه إليه الحديث خاصة أثناء الدرس ، ويدعوه فيصحبه بعد الدرس إلى باب الأزهر ، ثم دعاه بعد ذلك إلى أن يصحبه في بعض طريقه ، ثم دعاه أخيرا إلى قهوة من القهوات المنتشرة حول الأزهر ، حتى جلس معه ذات يوم منذ صليت الظهر حتى أذن للعصر ، فعاد إلى بيته سعيدا مغتبطا شديد النشاط يتمتع بالأمل .
س19 : فيم كان حديث القهوة بين الشيخ وطلابه ؟ وما أثره على الفتى ؟
جـ : انصب حديث القهوة على الأزهر وشيوخه وسوء المناهج التعليمية ، وكان الشيخ قاسيا جدا في هذا الموضوع ، وكان نقده لاذعا بل تعدى ذلك لأن شنَّع بأساتذته وزملائه من الشيوخ . وقد وجد الشيخ في نفوس طلابه هوى واستحسانا لما يقول ، أما الصبي فقد تأثرت نفسيته بهذا النقد أبلغ تأثير .
س20 : تحدث عن مظاهر حب الصبي لدرس الأدب .
جـ : لقد وصل الأمر بالصبي إلى أنه فضل درس الأدب على دروسه كلها، كما فضل اثنين من تلاميذ الشيخ المقربين وجعلهم أخص الناس إليه وأقربهم إلى نفسه .
س21 : متى كان يجتمع الصبى وزميلاه ؟ وفيم كان اجتماعهم ؟
جـ : كانوا يجتمعون كل ضحى فيسمعون للشيخ ، ثم يذهبون لدار الكتب فيقرءون فيها الأدب القديم ، ثم يعودون بعد العصر للأزهر فيجلسون بين الإدارة والرواق العباسي يتحدثون عن الشيخ وعما قرءوه في دار الكتب ، ويعبثون بالطلاب والشيوخ الداخلين والخارجين للأزهر ، فإذا ما صليت المغرب دخلوا الرواق العباسي ليسمعوا للشيخ بخيت وهو يقرأ درس تفسير القرآن مكان الأستاذ الإمام بعدما توفي .
س22 : للشيخ المرصفي طريقة لتدريس الأدب هي الأفضل في نظر الفتى . وضح ذلك.
جـ : كان الشيخ المرصفي يبدأ بنقد حر للشاعر ، ثم للراوي ، ثم للشارح ، ثم ينقد اللغويين على اختلافهم. ثم يقوم بامتحان للذوق لدى الطلاب للتعرف على باطن الجمال في الشعر والنثر، من خلال معرفة المعنى جملة وتفصيلا ، والوزن والقافية . ثم يجري اختبارا للذوق الحديث في البيئة الأزهرية، ويقارن بين رقة الذوق القديم وغلظة الذوق الأزهري، ويبين كلالة العقل الأزهري وقوة العقل القديم. ثم ينتهي من ذلك إلى تحطيم كل القيود الأزهرية ، والثورة على الشيوخ في العلم والذوق وفي سيرتهم وأحاديثهم .
س23 : ما أثر هذه الطريقة الجديدة على طلاب الأزهر ؟
جـ : هذه الطريقة الجديدة الغريبة على طلاب الأزهر جعلتهم ينصرفون عن الشيخ بعد أن كانوا كثيرين في أول الأمر، فلم يثبت معه إلا هؤلاء الثلاثة : الصبي وصاحباه ، فكوَّنوا عُصبة صغيرة وصل صوتها إلى الأزهر كله وسمع بها الطلاب والشيوخ وبالأخص كلامهم في نقد الأزهر وثورتهم على تقاليده ، ونظمهم الشعر فى هجاء الشيوخ والطلاب. وأصبحت هذه العصبة بغيضة إلى الشيوخ والطلاب في وقت واحد.
س24 : كان الشيخ المرصفي أديبا وعالما أزهريا . فكيف كان ذلك ؟
جـ : كان الشيخ المرصفي عالما أزهريا يصطنع وقار العلماء ما دام في الأزهر أو مع الناس ، ولكنه إذا خلا إلى خاصته، تحول إلى أديب يتحدث في حرية مطلقة عن كل إنسان وكل موضوع ، بل كان يروي للمقربين منه سيرة الشعراء القدماء ما يثبت أنهم كانوا أحرارا مثله ، يقولون كل شيء دون تحفظ .
س25 : ما مدى تأثر الطلاب الثلاثة بشيخهم المرصفى ؟
جـ : اتخذ هؤلاء الثلاثة شيخهم مثلا أعلى للصبر على المكروه وللرضا بالقليل والتعفف عما لا يليق بالعلماء وأصحاب السلطان. وقد لمس هؤلاء الثلاثة هذه الصفات في شيخهم ورأوها رأي العين عندما زاروه في بيته المتواضع في حارة الركراكي” ، فقد كان يعيش في أقصى الحارة في بيت متهدم يبدأ بالباب ثم ممر ضيق يجلس فيه مع أصحابه وطلابه هؤلاء على دكة ، ويسند ظهره إلى الحائط الذي يتساقط منه التراب. وكان يحدثهم باسما راضيا بعيدا عن التكلف ، فإذا كان مشغولا دعاهم ليصعدوا إليه على سلم متهدم ، فإذا دخلوا على غرفته وجدوه جالسا على الأرض ومن حوله عشرات الكتب يبحث فيها عن مقطوعة شعر يريد أن يتمها أو بيت شعر يريد أن يفسره، وعن يمينه أدوات القهوة. فإذا دخلوا عليه يدعوهم إلى الجلوس، ويطلب من أحدهم أن يصنع القهوة لهم ، ثم يدعوهم لمشاركته في بحثه أو تحقيقه.
س26 : ما الموقف الذى يدل عل تواضع الشيخ المرصفي ؟
جـ : زار الفتي وصديقه الشيخ المرصفي أحد الأيام، فصعدا إلى أعلى الدار فوجدا امرأة قد انحنى ظهرها حتى تكاد تصل رأسها إلى الأرض تجلس على فراش متواضع ويطعمها الشيخ بيده ، فلما رآهما أمرهما بالانتظار في غرفته حتى يأتيهما ، ثم أقبل عليهما ضاحكا راضى النفس وهو يقول : “كنت أعشي أمي”.
س27 : كيف وصف الفتى الشيخ المرصفي خارج البيت ؟
جـ : كان الشيخ إذا خرج من البيت تظهر عليه صورة الوقار والغنى واليسر، لا يحس أحد بما يعانيه من فقر وحاجة ، بل لا يشك المتحدث إليه فى أنه قد يسر عليه ،وأنه يحيى حياة سعيدة وعيشة رغدة هنيئة . ولم يكن يعلم عن فقره إلا أقرب الناس إليه من الأصدقاء والتلاميذ الثلاثة ، فقد كان من أشد الناس فقرا ينفق الأسبوع والأسابيع لا يأكل إلا خبز الجراية يغمسه في الملح . ورغم ذلك فقد علم ابنه تعليما ممتازا ورعى أبناءه الذين يتعلمون في الأزهر أفضل رعاية ، بل كان يدلل ابنته تدليلا مؤثرا. وقد كان يصنع كل هذا براتبه الضئيل الذي لم يتجاوز الثلاث جنيهات ونصف .
س28 : لماذا أحب الطلاب الشيخ سيد المرصفي ؟
جـ : لقد أحب الطلاب شيخهم المرصفي لما رأوا فيه من تواضع ورضى وصبر، فقد كان يحصل من الأزهر على جنيه ونصف ؛ لأنه من أصحاب الدرجة الأولى ، كما أن الشيخ الأستاذ كلفه درس الأدب فكان يتقاضى عليه جنيهين. وكان يستحي أن يهرول أول الشهر إلى المباشر ليأخذ راتبه ، أو أن يتزاحم عليه مثلما كان يفعل كثير من شيوخ الأزهر، بل كان يدفع خاتمه إلى أحد طلابه ليتولى هو مسألة قبض الراتب في الضحى ثم يدفعه الطالب له بعد الظهر. بينما كانوا يسمعون عن أحوال بعض الشيوخ الآخرين من اليسر والغنى فكانوا يمتلئون عليهم حقدا وغيظا واحتقارا.
س29 : متى انحرف الشيخ المرصفي عن الوفاء للأستاذ الإمام ؟ وما موقف الطلاب منه ؟
جـ : لما تولى مشيخة الأزهر بعد الأستاذ الإمام الشيخ الشربيني ، نظم فيه الشيخ المرصفي قصيدة يمدحه فيها وسماها “ثامنة المعلقات” وعارض فيها معلقة طرفة بن العبد، ولما انتهى من إملاء القصيدة لتلاميذه أثنى على الشيخ الشربيني ، وعرض بعض الشيء بالأستاذ الإمام ، فرده بعض الطلاب في لطف ورفق فارتد أسفا خجلا واستغفر الله من خطيئته.
س30 : بمَ جهر الطلاب تلاميذ الشيخ المرصفي ؟
جـ : جهر الطلاب الثلاثة بقراءة الكتب القديمة وتفضيلها على الكتب الأزهرية ، ككتاب سيبويه في النحو، وكتاب عبد القاهر الجرجاني في البلاغة ، ويقرءون دواوين الشعراء ولا يتحرجون من الجهر بذلك ، بل بإنشاد ما فيها من شعر ماجن في الأزهر، ويقلدون هؤلاء الشعراء ويتناشدون ما ينشئون إذا ما التقوا .
س31 : ما موقف الطلاب الأزهرين من الفتى وزميليه ؟
جـ : كان طلاب الأزهر ينظرون إليهم شزرا ، ويتربصون بهم الدوائر ، وقد يقبل بعض من الطلاب الناشئين يسمعون منهم ويتحدثون إليهم ، ويريدون أن يتعلموا منهم الشعر والأدب فيغيظ ذلك نظرائهم من الطلاب .
س32 : دعى الطلاب الثلاثة إلى حجرة شيخ الجامع الأزهر . فماذا وجدوا ؟
جـ : دخل الطلاب الثلاثة إلى حجرة شيخ الأزهر فوجدوا معه أعضاء مجلس إدارة الأزهر وهم كبار العلماء ومنهم الشيخ بخيت ، والشيخ حسنين العدوي ، والشيخ راضي وغيرهم.
س33 : كيف لقى شيخ الجامع الأزهر الطلاب الثلاثة ؟
جـ : لقيهم الشيخ متجهما ، وأمر رئيس المشدين رضوان أن يدعو من عنده من الطلاب ، فأقبل جماعة من الطلاب الأزهريين ، ولما سألهم الشيخ عما عندهم أقبل أحدهم واتهم هؤلاء الطلاب بالكفر لمقالتهم في الحجاج ، ثم قص على مجلس إدارة الأزهر الأعاجيب من أمرهم ، حتى أنه أحصى على الطلاب الكثير والكثير مما كان يعيبون به على الشيوخ . وشهد الطلاب الآخرون بصدق الفتى ضد هؤلاء الثلاثة ، فلما سألهم الشيخ عن ردهم عن هذه الاتهامات، لم ينكروا منها شيئا .
س34 : بم عاقب شيخ الجامع الأزهر الطلاب الثلاثة ؟
جـ : أمر شيخ الأزهر بمحو أسماء هؤلاء الثلاثة من سجلات الأزهر ؛ لأنه لا يريد مثل هذه الكلام الفارغ ، ثم صرفهم في عنف فخرجوا وجلين لا يدرون ماذا يصنعون ولا كيف يقصون هذه القصة لأهلهم .
س35 : بم عاقب شيخ الأزهر الشيخ المرصفى ؟ وما موقف الشيخ المرصفى منه ؟
جـ : ألغى شيخ الأزهر درس الكامل الذي كان يدرسه الشيخ المرصفى ، وكلفه بقراءة المغنى لابن هشام، ونقله من الرواق العباسي إلى عمود في داخل الأزهر .
عبث الشيخ المرصفي بشيخ الأزهر ، وادعى أنه لم يخلق للعلم ولا للمشيخة .
س36 : ما أهم صفات الشيخ حسونة شيخ الأزهر ؟
جـ : لقد كان الشيخ حسونة شديدا حازما مهيبا صارما حتى أن جميع شيوخ الأزهر ومنهم الشيخ المرصفي كانوا يخافونه . مما دفع الشيخ المرصفي أن يأخذ كتاب المغنى لابن هشام ويذهب به لتلاميذه الذين لا يهتمون ماذا يقرأ الشيخ ، فالمهم أنه يقرأ وهم يسمعون له ويقولون له ما سمعوه منه.
س37 : كيف حاول الفتية الثلاثة رفع الظلم عن أنفسهم ؟
جـ : خطر للتلاميذ الثلاثة أن يتوسلوا بالشيخ بخيت ليتوسط لهم عند شيخ الجامع ، فقال لهم الشيخ المرصفي : لا تفعلوا فلن تبلغوا من سعيكم شيئا، ولكنهم أصروا على ذلك، وذهبوا لبيت الشيخ بخيت فعرفهم وتلقاهم ضاحكا فحاولوا الدفاع عن أنفسهم فقال في فتور ولكنكم تدرسون الكامل للمبرد وقد كان المبرد من المعتزلة ، فدرس كتابه إثم . فلما سمعوا ذلك منه نسوا أنهم جاءوا مستعطفين فجادلوا الشيخ حتى أحفظوه ، وانصرفوا وقد ملأه الغضب وملأهم اليأس. ورغم ذلك فقد تضاحكوا من الشيخ ، وأعادوا بعض كلماته وتفرقوا على أن يخفوا الأمر عن أهلهم حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
س38 : لماذا تغيَّرت نظرة الرفاق إلى شيخهم المرصفي في آخر الأمر ؟ وما أثر ذلك على نفس الفتى ؟
جـ : هم الفتى أن يقول لأستاذه المرصفي بعض الشيء عن سخطه وغضبه ، فرده الشيخ وأسكته في رفق وهو يقو له “لأ لأ عاوزين ناكل عيش” ، فحزن الفتى حزنا عميقا لم يعرف له طعما منذ حضر إلى الأزهر ، وانصرف هو وصاحباه يملأهم الحزن العميق.
س39 : ما موقف الطلاب الثلاثة من عقوبة الشيخ حسونة ؟
جـ : لم يقبل الطلاب هذه العقوبة ، وفكروا كيف يرفعون عن أنفسهم تلك العقوبة التي طنوا بأنها ظالمة. فآثر أحدهم العافية وفارق صاحبيه واتخذ لنفسه مجلسا في جامع المؤيد بمعزل من العدو والصديق حتى تهدأ الأمور . والآخر قص على أبيه الأمر وسعى أبوه في إصلاح ما أفسده الابن . ولم يفارق صاحبه ولم يعتزل وإنما كان يلقى صاحبه فيتخذان مجلسا بين الرواق العباسي والإدارة ويمضيان وقتهما في العبث بالشيوخ والطلاب .
س40 : كيف عرف شقيق الصبي ما حدث ؟ وماذا كان رد فعله ؟
جـ : لم يحتج الفتى أن يقص الأمر على أخيه فقد وصله كل شيء ، ولكنه لم يعنفه وإنما قال له: “أنت وما تشاء فستجني ثمرة هذا العبث وستجدها شديدة المرارة”.
س41 : كيف حاول الفتى رفع الظلم عن نفسه ؟
جـ : لم يسع الفتى إلى أحد ولم يتوسل إلى الشيخ بأحد ، وإنما كتب مقالا عنيفا يهاجم فيه الأزهر وشيخ الأزهر ، ويطالب بحرية الرأي ، وذهب بمقالته إلى مدير الجريدة فتلقاه لقاء حسنا ، وقرأ المقال وضحك وهو يدفعه إلى صديق معه ، فغضب ذلك الصديق مما قرأ وقال : لو لم تكن عوقبت على ما جنيت من ذنب لكانت هذه المقالة وحدها كافية لعقابك . وقبل أن يحاول أن يدافع عن نفسه أسكته مدير الجريدة وقال : إن الذي يكلمك هو “حسن بك صبري” مفتش العلوم الحديثة بالأزهر، وسأله في رفق أتريد أن تشتم الأزهر وشيخه ، أم تريد أن يرفع عنك هذا العقاب ؟ قال الفتى بل أريد رفع العقاب ، وأن أستمتع بحقي من الحرية . قال مدير الجريدة : فدع لي إذن هذه القصة وانصرف راشدا.
س42 : ما الذي اكتشفه الصبي وصاحباه في النهاية ؟
جـ : بعد مدة قصيرة وبعد أن انصرف من الجريدة تبين لصاحبنا وصاحبيه أن شيخ الأزهر لم يمح أسماءهم من الأزهر ، بل أراد تخويفهم حتى لا يعودوا لمثلها.
س43 : ما الشيء الذي طالما تمناه الفتى وحصل عليه في مكتب مدير الجريدة ؟
جـ : منذ ذلك اللقاء اتصل الفتى بمدير الجريدة ، وجعل يتردد عليه حتى كان يلقاه فيه كل يوم . وفى مكتب مدير الجريدة ظفر الفتى بشيء طالما تمناه ، وهو أن يتصل ببيئة الطرابيش بعد أن سئم بيئة العمائم ، وذلك أن بيئة الطرابيش أرق منزلة وثراء ، وهو فقير متوسط الحال في أسرته سيء الحال في القاهرة.