الصف الثانى الثانوى

الصف الثانى الثانوى بلاغة الاطناب

📖 الإطناب (فن الإسهاب البليغ)

تعريفه: هو التعبير عن المعنى الواحد بألفاظ كثيرة أو بزيادة في التركيب، وذلك لأغراض بلاغية متعددة تهدف إلى زيادة التأكيد، أو التوضيح، أو العنب بالمعنى، أو توجيه الانتباه، أو غيرها.

الإطناب، بخلاف الإيجاز، يستخدم الكلمات الإضافية التي قد تبدو زائدة ظاهريًا، لكنها تخدم غرضًا بلاغيًا مهمًا.


1. ذكر الخاص بعد العام (للإبراز والتنبيه)

هو أن تذكر شيئًا خاصًا بعد ذكر العام الذي يندرج تحته، وذلك لبيان فضله وشرفه أو أهميته.

مثال من القرآن الكريم:

  • {مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ} (سورة البقرة: 98).
    • التوضيح: ذكر الله تعالى الخاص «جبريل» و «ميكال» بعد العام «ملائكته» للتنبيه على فضلهما وعظيم شأنهما بين الملائكة.
  • {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} (سورة القدر: 4).
    • التوضيح: «الروح» هو جبريل عليه السلام، وقد ذُكر بعد «الملائكة» لتعظيم شأنه وخصوصيته.

2. ذكر العام بعد الخاص (للشمول والتعميم)

هو أن تذكر شيئًا عامًا بعد ذكر الخاص الذي يندرج تحته، وذلك لغرض شمول الحكم وعمومه، أو الدفع بتوهم التخصيص.

مثال من القرآن الكريم:

  • {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ ۖ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ} (سورة البقرة: 136).
    • التوضيح: ذكر الله تعالى العام «النبيون» بعد الخاص «موسى» و «عيسى» لتأكيد الشمول في الإيمان بكل الأنبياء.
  • {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} (سورة نوح: 28).
    • التوضيح: ذكر «المؤمنين والمؤمنات» بعد ذكر الخاص (نفسه ووالديه ومن دخل بيته) لتعميم الدعاء بالخير لكل المؤمنين.

3. التفصيل بعد الإجمال (للتوضيح والبيان)

هو أن تذكر شيئًا مجملاً أولاً، ثم تأتي بعده بتفصيله وشرح أجزائه.

مثال من الحديث الشريف:

  • «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر».
    • التوضيح: ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم الإجمال «ثلاث»، ثم أتى بعده بتفصيلها وبيانها، وهو باقي الحديث الشريف.
  • {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} (سورة نوح: 23).
    • التوضيح: ذكر «آلهتكم» (إجمال)، ثم فصّل بعدها أسماء بعض هذه الآلهة لتوضيح المقصود والتحذير منها تحديداً.

4. التكرار (للتأكيد والتقرير)

هو تكرار اللفظ أو الجملة مرتين أو أكثر لغرض التأكيد، أو التهديد، أو التخويف، أو التحسر.

مثال من القرآن الكريم:

  • {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} (سورة التكاثر: 3-4).
    • التوضيح: تكررت الآية مرتين لتأكيد وتقرير الإنذار والردع، وزيادة التهديد والتخويف.
  • {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} (سورة الشرح: 5-6).
    • التوضيح: التكرار هنا للتأكيد الشديد على وعد الله بتبدل الحال من الشدة إلى اليسر، وليطمئن قلب الرسول والمؤمنين.
  • «الفهمَ الفهمَ فيما يتلجلج في صدرك مما ليس في كتاب ولا سنة».
    • التوضيح: تكرار كلمة «الفهم» لتأكيد الحث على التدبر والتعمق.

5. التذييل (للتأكيد أو الحكمة)

هو إلحاق جملة بجملة أخرى لها نفس المعنى، تأكيدًا لها، وقد يكون على شكل حكمة.

أمثلة من القرآن الكريم:

  • {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (سورة الإسراء: 81).
    • التوضيح: جاءت جملة «إن الباطل كان زهوقا» تذييلاً لما قبلها لتوكيد المعنى وتقويته بأن الباطل لا بقاء له.
  • {ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا ۖ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} (سورة سبأ: 17).
    • التوضيح: جاءت جملة «وهل نجازي إلا الكفور» تذييلاً لما قبلها لتأكيده وإضفاء معنى القاعدة العامة.

مثال من الشعر (حكمة):

  • كلكم أروغ من ثعلب *** ما أشبه الليلة بالبارحة!
    • التوضيح: جاء الشطر الثاني «ما أشبه الليلة بالبارحة!» كحكمة صادقة تذييلاً لمعنى الشطر الأول من البيت، للتأكيد على تكرار الأحداث والصفات.
  • ولست بمستبق أخًا لا تلمه على شعثٍ *** أيُّ الرجال المهذَّبُ؟
    • التوضيح: الشطر الثاني «أيُّ الرجال المهذَّبُ؟» جاء تذييلاً للتأكيد على استحالة وجود الإنسان الكامل الذي لا يُلام على أي نقص، فهو حكمة.

6. التعليل (لبيان السبب)

هو ذكر جملة أو تعبير لبيان سبب أو علة ما تقدمه من كلام.

مثال من القرآن الكريم:

  • {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (سورة المائدة: 90).
    • التوضيح: جاءت جملة «لعلكم تفلحون» تعليلاً لما قبلها، أي بياناً للسبب والهدف من اجتناب هذه المحرمات.

7. التفسير (لإيضاح المجمل)

هو ذكر جملة أو تعبير يوضح ما قبله من كلام كان فيه إجمال أو غموض.

مثال من القرآن الكريم:

  • {وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} (سورة البقرة: 49).
    • التوضيح: جاءت جملة «يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم» تفسيراً لما قبلها «يسومونكم سوء العذاب»، لبيان طبيعة هذا السوء.

8. الترادف (للتأكيد والتقرير)

هو استخدام كلمتين أو جملتين لهما نفس المعنى أو معنى قريب جداً، لغرض التوكيد.

مثال:

  • «لا تقل غير الصدق، ولا تشهد بغير الحق».
    • التوضيح: جاءت جملة «لا تشهد بغير الحق» بعد جملة «لا تقل غير الصدق»، وهي مرادفة لها؛ لتؤكد المعنى وتثبته في ذهن المتلقي.
  • “بلى أنا مشتاق وعندي لوعة”.
    • التوضيح: «مشتاق» و «لوعة» يتقاربان في المعنى، وجاءا معًا للتأكيد على شدة الشوق والحب.

9. الاستئناس بالحديث (لإظهار الفرح أو المودة)

هو الإطالة في الحديث بما ليس ضرورياً للمعنى الظاهر، ولكن لغرض بلاغي كإظهار الأنس أو الفرح بالمخاطب.

مثال من القرآن الكريم:

  • {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} (سورة طه: 17-18).
    • التوضيح: كان من الممكن أن يقول موسى لربه: «هي عصاي» فقط، ولكنه أطال الحديث في باقي الآية إظهاراً لسعادته واستئناسه بالحديث مع الله عز وجل.

10. الاعتراض (لأغراض متعددة)

هي جملة أو عبارة تأتي اعتراضًا بين أجزاء الكلام المتصلة، لا محل لها من الإعراب، ولها أغراض بلاغية منها:

أ) الدعاء:

  • إن الثمانين -وبلغتها- قد *** أحوجت سمعي إلى ترجمان.
    • التوضيح: جملة «وبلغتها» فيها دعاء للمخاطب بطول العمر.

ب) التنبيه:

  • واعلم -فعلم المرء ينفعه- أن *** سوف يأتي كل ما قُدرا.
    • التوضيح: جملة «فعلم المرء ينفعه» فيها تنبيه للمخاطب على فضل العلم ونفعه.
  • «ألا زعمت بنو سعد بأني -ألا كذبوا- كبير السن فاني».
    • التوضيح: جملة «ألا كذبوا» اعتراضية غرضها التنبيه على كذبهم.

ج) الذم:

  • لو أن الباخلين -وأنت منهم- *** رأوك تعلموا منك المطالا.
    • التوضيح: قوله: «وأنت منهم» جملة اعتراضية أفادت الإسراع إلى ذم المخاطب.
  • “صببنا عليها – ظالمين – سياطنا”.
    • التوضيح: كلمة «ظالمين» اعتراضية لبيان الحال والذم.

د) الاحتراس (لتجنب سوء الفهم):

  • ألا كل شيء -ما خلا الله- باطل *** وكل نعيم لا محالة زائل.
    • التوضيح: قوله: «ما خلا الله» فيها احتراس لمنع أن يفهم غير المقصود، فالله هو الحق الباقي.

هـ) التعظيم:

  • بالله -جل جلاله- لا تضعفوا *** بالذكر والإنجيل لا تتفرقوا.
    • التوضيح: قوله «جل جلاله» فيه تعظيم للذات الإلهية.
  • “قالت أعرابية لرجل: كبَّت الله كل عدو لك إلا نفسك”.
    • التوضيح: الاستثناء “إلا نفسك” جاء للاعتراض وغرضه التعظيم (أو المبالغة في الثوفية)، أي أنك عدو لنفسك.

🌟 فائدة الإطناب

فائدة الإطناب وغرضه البلاغي يكون بحسب الغرض من كل نوع كما ذكرنا أعلاه، فهو ليس مجرد حشو زائد، بل يزيد الكلام قوة وتأثيراً وإيضاحاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى